فصل: فصل في الأمور الضارّة بالبصر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في الأمور الضارّة بالبصر:

وأما الأمور الضارة بالبصر فمنها أفعال وحركات ومنها أغذية ومنها حال التصرّف في الأغذية فأما الأفعال والحركات فجميع ما يجفف مثل الجماع الكثير وطول النظر إلى المشرفات وقراءة الدقيق بإفراط فإن التوسّط فيه نافع.
وكذلك الأعمال الدقيقة والنوم على الامتلاء والعشاء بل يجب على من به ضعف في البصر أن يصير حتى ينهضم وكل امتلاء يضره وكل ما يجفف الطبيعة يضره وكل ما يعكّر الدم من الأشياء المالحة والحريفة وغيرها يضرّه والسكر يضرّه وأما القيء فينفعه من حيث ينقي المعدة ويضره من حيث يحرك مواد الدماغ فيدفعه إليه وإن كان لا بد فينبغي أن يكون بعد الطعام وبرفق.
والاستحمام ضار والنوم المفرط ضار والبكاء الشديد وكثرة الفصد وخاصة الحجامة المتوالية.
وأما الأغذية فالمالحة والحريفة والمفجّرة وما يؤذي فم المعدة والشراب الغليظ الكدر والكزاث والبصل والبافروج أكلاً والزيتون النضيج والشبث والكرنب والعدس.

.فصل في العشاء:

هو أن يتعطل البصر ليلاً ويبصر نهاراً ويضعف في آخره.
وسببه كثرة رطوبات العين وغلظها أو رطوبة الروح الباصر وغلظه.
وأكثر ما يعرض للكحل دون الزرق ولصغار الحدق ولمن تكثر الألوان والتعاريج في عينه فإن هذه تدل على قلة الروح الباصر في خلقته وقد تكون هذه العلة لمرض في العين نفسها وقد تكون بمشاركة المعدة والدماغ وتعرف ذلك بالعلامات التي عرفتها.
المعالجات: إن كان هناك كثرة فليفصد القيفال والمأقين ويستعمل سائر المستفرغات المعروفة ويكرر وربما استفرغ بسقمونيا وجندبيدستر فانتفع به ويسقون قبل الطعاه شراب زوفا أو زوفا وسذاب يابس سفوفاً ويسقون بعد الهضم التام قليلاً من الشراب العتيق.
ومن الأدوية المُجَرية سيالة كبد المعزى المغزوز بالسكين المكببة على الجمر فإذا سالت أخذ مما يسيل وذر عليه ملح هندي ودار فلفل واكتحل به وربما ذر عليه الأدوية عند التكبيب.
والانكباب على بخاره والأكل من لحمه المشوي كل ذلك نافع جداً وربما قطع قطعاً عريضةً وجعل منها شياف ومن دار فلفل شياف وجعل الشياف الأسفل والأعلى من الكبد ويشوى في التنور ولا يبالغ ثم يؤخذ وتصفى عنه المائية ويكتحل بها وكذلك كبد الأرنب وكذلك الشياف المتخذ من دار فلفل والذي على هذه النسخة وصفته: يؤخذ فلفل ودار فلفل وقنبيل أجزاء سواء يكتحل به.
والمرارات أيضاً نافعة وخاصة مرارات التيوس والكباش الجبلية وكذلك الاكتحال بدهن البلسان مكسوراً بقليل أفيون والاكتحال بالفلافل الثلاثة مسحوقة كالغبار نافع جداً.
وكذلك بالشب المصري والاكتحال بالعسل وماء الرازيانج يغمّض عليها العين مدة طويلة نافع جداً وأقوى منه العسل إذا كان فيه قوة من الشب والنوشادر ودماء الحيوان الحارة المزاج ينفع الاكتحال بها.
وينفع الاكتحال بعصارة قثاء الحمار مكسورة ببزر البقلة الحمقاء وشياف القلي وشياف الزنجار.
وينفع منه خرء الورل والاصقنقور أو يؤخذ منه مرارة الحدأة جزء وفلفل جزآن أشجّ ثلاثة أجزاء يعجن بعسل ويستعمل وينفع منه فصد عرق الماقين إن لم يكن مانع حسب ما تعلم ذلك.

.فصل في الجهر:

وهو أن لا يرى نهاراً: فنقول: سبب الجهر وهو أن لا يبصر بالنهار رقة الروح وقلته جداً فيتحلل مع ضوء الشمس ويجتمع في الظلمة وربما كان سبب الجهر قليلاً فيرى في الظلمة والظل ليلاً ونهاراً ويضعف في الضوء وعلاجه من الزيادة في الترطيب وتغليظ الدم ما تعلم.

.فصل في الخيالات:

الخيالات هي ألوان يحس أمام البصر كأنها مبثوثة في الجو والسبب فيها وقوف شيء غير شفّاف ما بين الجليدية وبين المبصرات.
وذاك الشيء إما أن يكون مما لا يحرك مثله في العادة أصلاً وإنما يدركه القوي البصر الخارج عن العادة إدراكاً وإما أن يكون مما تدركه الأبصار إذا توسطت وإن لم تكن في غاية الذكاء بل كانت على مجرى العادة.
ومعنى الأول أن البصر إذا كان قوياً أدرك الضعيف الخفي من الأمور التي تطير في الهواء قرب البصر من الهباءات التي لا يخلو منها الجر وغيره فتلوح له ولقربها أو لضوئها لا يحققها.
وكذلك إذا كانت في الباطن من آثار الأبخرة القليلة التي لا يخلو عنها مزاج وطبع البتة إلا أن هذين يخفيان على الأبصار ليست التي في غاية الذكاء وإنما يتخيلان لمن هو شديد حدة البصر جداً وهذا مما لا ينسب إلى مضرة.
وأما القسم الآخر: فإما أن يكون في الطبقات وإما أن يكون في الرطوبات.
والذي يكون في الطبقات فهو أن يكون على الطبقة القرنية آثار خفية جداً بقيت عن الجدري أو عن رمد وبثور أو غير ذلك فلا يظهر للعين من خارج ويظهر للعين من باطن من حيث لا يشف المكان الذي هو فيه فيخفى تحته من المحسوس ومن الهواء الشاف أجزاء ترى كثيرة بمقدار ما لو كانت بالحقيقة موجودة من خارج لكان ذلك الجزء الصغير قدر شجها من الثقبة العنبية.
وأما التي تكون في الرطوبات فهي على قسمين لأنها إما أن تكون قد استحال إليها جوهر الرطوبة نفسه أو تكون قد وردت على جوهر الرطوبة مما هو خارج عنها.
والتي تكون قد استحال إليها جوهر الرطوبة نفسه فإما أن يعرض لجزء منها سوء مزاج يغير لونها ويزيل شفيفها فلا يشفّ ذلك القدر منها لبرد أو لرطوبة أو لحرارة يغلى ذلك القدر ويثير فيه هوائية ومن شأن الهوائية إذا خالطت الرقيقة الشفافة أن تجعلها كثيفة اللون زبدية غير شافة أو ليبوسة مكثفة جماعة جداً.
والذي يكون الوارد عليها منه هو من غيره فلا يخلو إما أن يكون عرضياً غير متمكن وهو من جنس البخارات التي تتصعد من البدن كله أو من المعدة أو من الدماغ إذا كانت لطيفة تحصل وتتحلل وكما يكون في البُحرانات وبعد القيء وبعد الغضب وإما أن يتمكن فيها وينذر بالماء.
وتختلف هذه الخيالات في مقاديرها فتكون صغيرة وكبيرة وقد تختلف في قوامها فتكون كثيفة ورقيقة خفية وقد تختلف في أوضاعه فتكون متخلخلة وقد تكون متكاثفة ضبابية وقد تختلف في أشكالها فتكون حبيبية وتكون بقية وذبابية وقد تكون خيطية وشعرية بالطول.
العلامات: علامة ما يكون من ذكاء الحس أن يكون خفيفاً ليس على نهج واحد وشكل واحد ويصحب الإنسان مدة صحة بصره من غير خلل يتبعه.
والذي يكون بسبب القرنية تحل عليه أسبابه المذكورة وأن يثبت مدة لا يتزايد ولا يؤدي إلى ضرر في البصر غيره.
والذي يكون من سبب في البيضية فأن تكون مدته طويلة ولم يؤد إلى آفة عظيمة ويكون إما عقيب رمد حار وإما عقيب سبب مبرد أو مسخن وهو مما يعلم بالحدس وخصوصاً إذا وجدت القرنية صقيلة صافية لا خشونة فيها بوجه ثم كان شيء ثابت لا يزيد ولا يؤدي إلى ضرر عظيم.
وأما الذي يكون سببه بخارات معدية وبدنية فيعرف بسبب أنها تهيج مع المبخرات وعند الامتلاء والهضم وعند الحركات والدوار والسدر ولا يثبت على حالة واحدة بل يزيد وينقص ولا يختص بعين واحدة بل يكون في العينين وإذا كان معه الغثيان صحت دلالته وإذا كان القيء والاستفراغ بالأيارج وتلطيف الغذاء والعناية بالهضم يزيده أو ينقصه.
وقد علمت في باب ضعف البصر علامات ما سببه يبس البيضية أو غيره وإذا استمرت صحة العين والسلامة بصاحب الخيالات ستة أشهر فهو على الأكثر في أمن والذي هو من الخيالات مقدمة للماء فإنه لا يزال يتدرج في تكدير البصر إلى أن ينزل الماء أو ينزل يعده الماء دفعةً وقلما يجاوز ستة أشهر فإذا رأيت الخيالات تزول وتعود وتزيد وتنقص فاعلم أنها ليست مائية.
وإذا رأيت الثانية تطول مدتها ولا تستمر في إضعاف البصر فاعلم أنها ليست مائية.
المعالجات لابتداء الماء والخيالات: أولى الخيالات بأن يقبل على علاجه ما كان منذراً بالماء وأما سائر ذلك فما كان منه من يبوسة فربما نفع منه المرطبات المعلومة.
وإن كان عن رطوبة وغير ذلك مما ليس عن يبوسة تقع منه كل ما يجلو من الأكحال.
وأما المنذر بالماء فيجب أن يبدأ فينقي البدن وخصوصاً المعدة ثم تقبل على تنقية الرأس بالغرغرات والسعوطات والمضوغات.
وأما العطوصات فمن جهة ما ترخي وتنقي يرجى منها التنقية وتنقي من جهة عنف تحريكها فيخاف منها تحريك الماء وخصوصاً إن كان واقعاً دون العصبة وبقربها.
واعلم أن أيارج فيقرا جليل النفع فيه.
وكذلك حب الذهب وما يقع فيه من أدوية القنطوريون والقثاء المر وقد علمت في أبواب علاج الرأس وتنقيته ما ينبغي أن تعتمده ويجب أن تكون التنقية بأيارج فيقرا وحب الذهب على سبيل الشبيار متواترة جداً ولا يستعمل لأدوية الملطفة والجلاءة أكحالاً إلا بعد التنقية.
وينفع في ابتداء الماء فصد شريان خلف الأذن وينبغي أن يبتدأ بالأدوية اللينة مثل ماء الرازيانج بعسل وزيت وبمثل ما قيل من أن شم المرزنجوش نافع لمن يخاف نزول الماء إلى عينه وكذلك ينشف دهنه وقد قيل أن إرسال الحرق على الصدغين ينفع في ابتدائه وقد مُدح الاكتحال ببزر الكَتَم وذكر أنه يزيل الماء ويحلله وأنه غاية ثم يتدرّج إلى الأدوية المركَّبة من السكبينج وأمثاله من ذلك: السكبينج ثلاثة الحلتيت والخربق الأبيض من كل واحد عشرة العسل ثمانية قوطوليات.
وعما هو مجرّب جداً رأس الخطّاف بعسل يكتحل به وشياف أصطفطيقان وجميع المرارات المذكورة في باب ضعف البصر.
وأقوى منه شياف المرارة المارستاني وأيضاً كحل أوميلاوس والكحل المذكور في الكتاب الخامس وهو القراباذين بمرارة السلحفاة أو دواء اتعاسيوس بماء الرازيانج أو شياف المرزنجوش والساروس والمرحومون.
ودهن البلسان نافع فيه.
ومما ينفع في ابتداء الماء أن يؤخذ مرارة ثور شاب صحيح البدن فتجعل في إناء نحاس وتترك قريباً من عشرة أيام إلى أسبوعين ثم يؤخذ من المرّ والزعفران المسحوقين ومن مرارة السلحفاة البرية ومن دهن البلسان من كل واحد وزن درهمين ويخلط الجميع ويجمع جمعاً بالغاً ويُكْتَحَل به.
وأيضاً يؤخذ من الخربق جزء ومن الحلتيت جزء ومن السكبينج خمس وعشر جزء وهو ثلاثة أعشار جزء ويُتَّخذ شياف ويُكتحل به.
وأيضاً من الخربق الأبيض والفلفل جزء ومن الأشق ثلاثة أجزاء ويتخذ منه شياف بعصارة الفجل ويستعمل ويجتنب السمك والمغلظات من الأغذية والمبخرات والشرب الكثير من الماء والشراب أيضاً ومتواترة الفصد والحجامة بل يؤخر ذلك ما أمكن إلا أن يشتد مساس الحاجة إلى ذلك والثقة بأن الدم حار وكثير.

.فصل في الانتشار:

الانتشار هو أن تصير الثقبة العَنبية أوسع مما هي بالطبع وقد يكون ذلك عقيب صداع أو سبب باد من ضربة أو صدمة وقد يكون لأسباب في نفس الحدقة وذلك إما في البيضية وإما في العنبيّة فإن البيضية إن رطبت وكثرت زحمت العنبية وحركتها إلى الاتساع.
وأما يبوسة البيضية فلا يوجب الاتساع بالذات بل بالعرض من حيث يتبعها يبوسة العنبية.
والعنبية نفسها إن يبست وتمددت إلى أطرافها تمدد الجلود المثقبة عند اليبس عرض لها أن تتسع كما يتسع ثقب تلك الجلود وخصوصاً إذا زوحمت من الرطوبات وقد يعرض لها ذلك من رطوبة تداخل جوهرها وتزيد في ثخنها وتمددها إلى الغلظ فيعرض للثقبة أن تتسع وقد يعرض ذلك لورم ممدد يحدث فيها وقد تكون سعة العين طبيعية ويضر ذلك بالبصر فإنه يرى الأشياء أصغر مما يجب أن ترى وقد يكون عارضاً فيكون كذلك وربما بالغ إلى أن لا يرى شيئاً فإنه كثيراً ما تتسع العين حتى تبلغ السعَة الإكليل ولا يبقى من البصر ما يُعتدّ به.
وما كان من ضربة أو صدمة فلا علاج له وقد سمعت من ثقة أنه عالج الاتساع الذي حصل من ضربة بأن فصد المريض في الحال وأعطاه حب الصبر فبرئ بعد أيام قلائل.
وإذا كان الاتساع من تفرق اتصال الطبقة الشبكية فلا علاج له بتة من كل وجه وما كان من اتساع العصب المجوّف فبرؤه عسير.
العلامات: قد ذكرناها في باب ضعف العين.
المعالجات: ما كان من ذلك طبيعياً فلا علاج له وما كان من يبوسة فينفع منه ترطيب العين بالمرطبات المذكورة وما كان من رطوبة فينفع منه الفصد إن كان في البدن كثرة وأيضاً فصد عررق المأقين يستفرغ من الموضع وينفع منها وكذلك فصد عروق الصاع وسلها والاستفراغات التي علمتها وصب الماء الملح والمملح على الرأس خصوصاً ممزوجاً بالخلِّ ولا ينبغي أن يكثر الاستفراغات بالمسهّلات فيضعف القوة ولا يستفرغ المطلوب بل ربما كفاه الاستفراغ كل عشرة أيام بدرهم أو درهم ونصف من حب القوقايا.
والغذاء ماء حمص بشيرج ويكحل العين الأخرى بالتوتيا لئلا تنتشر كالأولى ويجب أن يستعمل الأكحال المذكورة في باب الخيالات والماء.
وينفع منه الحجامة على القفا لما فيه من الجذب إلى خلف.
وأما الكائن عقيب ضربة فمما يتكلف في علاجه أن يفصد ثم يحمم الرأس ثم يستعمل المبردات ويُضمد بدقيق الباقلا من غير قشره أو دقيق الشعير مبلولاً بماء ورق الخلاف أو بماء الهندبا وبصوفة مبلولة بمحّ بيض مضروب بدهن الورد وقليل شراب ويقطر في العين دم الشفانين والفراخ وفي اليوم الثالث يقطر فيها اللبن والأكحال التي هي أقوى.
وبالجملة فإن أكثر علاج هذا من جنس علاج الورم الحار وبعد ذلك فيستعمل شيافاً متخذاً من كندر وزعفران ومرّ من كل واحد جزء ومن الزرنيخ نصف جزء.
وهذا الدواء نافع من أمور ياسفيس وهو الإتساع.
ونسخته: يؤخذ مرارة الجدي ومرارة الكركي مثقالان مثقالان زعفران درهم فلفل مائة وسبعين عمداً رب السوس خمسة مثاقيل وثلثين أشجّ مثقالان عسل مقدار الحاجة ويستعمل منه كحل يسحق بماء الرازيانج ويخلط بالعسل.
وللكائن من ضربة نصف مثقال يسحق بعصارة الفجل إلى أن يجف ويستعمل يابساً وأيضاً مرارة التيس مثقال واحد بعر الضب أو الورل يابساً مثقال ونصف نطرون مثقال فلفل مرارة الكركي من كل واحد مثقالان زعفران مثقال أشج نصف مثقال خربق أبيض مثقال يسحق أيضاً بماء الرازيانج ويخلط بالعسل وما كان من الاتساع من انحراف الطبقة الشبكية أو اتساع العصبتين المجوّفتين فلا علاج له اللهم إلا أن اتساع العصبتين المجوفتين عسر العلاج ومع ذلك يرجى.